منهُ ينبثقُ مستقبلُ الفقراء ،
و الأحاجيّ ، و الجلاّدون ، والشرائع ،
صاحبةُ الجلالة سيّئة المزاج أو البهلولُ الأحمر الأنف الهازئ بالبهاليل .
يرقبهُ العظماء في الغسقِ ،
تطلّعاً الى ماضٍ قد يتيحُ لهُ الدخول بدونِ انتباه ،
أرملةٌ مكشّرة كالمرسلين ، الفيضانُ المزبدُ نع الزئير .
نكدّس كلَّ ما لدينا لسدّه عند الفزع ،
ونخبطُ مصراعيه حينَ نموت :
واذا كانَ مفتوحاً ذات مرّة ،
جعلَ أليسَ الضخمة ترى أرضَ عجائب تنتظرُها في ضوء الشّمس ،
ولمجرّد أنّه صغير جعلها تذرفُ الدّموع .
قبلَ الشّروع بأسابيع أوصوا على كلّ شيء
من أحسن الشركات بتلك البضائع :
أدوات لقياس كافّة الأحداث الغريبة ،
و عقاقيرَ لتُحرّك الأمعاءَ أو الفؤاد .
ساعةٌ بالطبع ، لمراقبة الملاّلة تولّي ،
ومصابيحَ للظلمة وستائر لتقي وطأة الشمس ،
و أصرّ التطيّر أيضاً على أخذ بندقية ،
وخرزٌ ملوّن لتسكين أعين سوءٍ ضارية .
كانوا نظرياً على صواب فيما يتوقّعونه
لو أنّه كانت هناكَ حالاتٌ يكونون فيها ؛
لكنْ لسوء الحظّ كانوا حالهم :
ينبغي ألاّ نُعطي المُسمِّم دواءَ ،
ولا المشعوذ عدّة جيدة ،
ولا بندقيةً لثقيل مسَوْدَن .
و الأحاجيّ ، و الجلاّدون ، والشرائع ،
صاحبةُ الجلالة سيّئة المزاج أو البهلولُ الأحمر الأنف الهازئ بالبهاليل .
يرقبهُ العظماء في الغسقِ ،
تطلّعاً الى ماضٍ قد يتيحُ لهُ الدخول بدونِ انتباه ،
أرملةٌ مكشّرة كالمرسلين ، الفيضانُ المزبدُ نع الزئير .
نكدّس كلَّ ما لدينا لسدّه عند الفزع ،
ونخبطُ مصراعيه حينَ نموت :
واذا كانَ مفتوحاً ذات مرّة ،
جعلَ أليسَ الضخمة ترى أرضَ عجائب تنتظرُها في ضوء الشّمس ،
ولمجرّد أنّه صغير جعلها تذرفُ الدّموع .
قبلَ الشّروع بأسابيع أوصوا على كلّ شيء
من أحسن الشركات بتلك البضائع :
أدوات لقياس كافّة الأحداث الغريبة ،
و عقاقيرَ لتُحرّك الأمعاءَ أو الفؤاد .
ساعةٌ بالطبع ، لمراقبة الملاّلة تولّي ،
ومصابيحَ للظلمة وستائر لتقي وطأة الشمس ،
و أصرّ التطيّر أيضاً على أخذ بندقية ،
وخرزٌ ملوّن لتسكين أعين سوءٍ ضارية .
كانوا نظرياً على صواب فيما يتوقّعونه
لو أنّه كانت هناكَ حالاتٌ يكونون فيها ؛
لكنْ لسوء الحظّ كانوا حالهم :
ينبغي ألاّ نُعطي المُسمِّم دواءَ ،
ولا المشعوذ عدّة جيدة ،
ولا بندقيةً لثقيل مسَوْدَن .
قد انصرفَ الصّحبُ الذين التقوا هُنا و تعانقوا ،
كلٌّ لهفوته الخاصّة بهِ ؛
واحدٌ يهرعُ للشهرة والهلاك بكذبةٍ صاخبة ،
وخُدرةٌ في قرية تستحوذ الآخر ،
حَيْفٌ محليّ حيث يستغرق الموت ُ وقتاً طويلاً :
تتلألأ في الشمس محطّة الاتصال الخاوية .
كذا يحدثُ في جميع الأرصفة و مفارق الطرق :
من يستطيعُ يا أماكنَ التّصميم و الوداع ،
أنْ يقولَ إلى أيّ خزي تقودُ المخاطراتِ كلّها ،
بوسع أي هديةٍ وداعيةٍ أن تمنح ذاكَ الصّديق وقاية،
الموجّه التفكير بشكل يجعلُ خلاصه يتطلّب
الأراضي الرديئة والوجهة النّحسة !
كلّ المناظر وكلّ الأجواء تجمّد خوفاً ،
لكن ، تقولُ الأقاصيص ، لم يخطرُ قطّ ببال أحد
أن الوقتَ المُخصّص يجعلُ هذا مستحيلاً ؛
فحتّى أكثر النّاس تشاؤماً يجعلونَ حدّ أخطائهم عاماً واحداً .
من يكون قد بقي من الصّحب اذ ذاك لكي يُخافوا
أي فرح يستغرقُ وقتاً أطولَ للتكفير عنه ؛
ومع هذا فمن يُنجزُ بدون اليوم الأضافي
الرحلةَ تلك التي يجبُ ألاّ تستغرق أي وقتٍ أبداً ؟
** ** **
في القُرى التي جاءت طفولاتهم منها تنشدُ الضرورة ،
أنّ الضرورة بطبيعتها هي هي
مهما تكن طريقةُ النشدان وكان من كان الناشِد .
غيرَ أن المدينة لم تعتنق مثل هذا المُعتقد ،
بل رحّبت بكلٍّ كما لو كان قد جاءَ وحدهُ ،
وطبيعةِ الضرورة كالأسى
تطابقُ طبيعته هو تماماً .
وقدّمت لهم تجاربَ كثيرة ،
ووجدَ كلٌّ تجربةً ما تصلحُ للتحكّم يه ،
واستقرَّ ليُتقنَ بحذافيرهِ فنّ الكينونةِ لا أحد ؛
جلسَ في فترةِ الغداء حول حافّة النوفرة ،
وراقبَ الأحداث يقدمون من الأرياف وضحك .
** ** **
تبرّمَ بالمكتبةِ اذ كانت عليها هيئة
إعتقاد هادئ بأنّها حقّاً قائمة ،
رمى بكتابٍ سخيفٍ لمنافس له ،
وارتقى الدرجَ اللولبيّ لاهثاً مطقطقاً .
وصرَخَ وهوَ يتمايلُ على الحاجز :
" أعتقني ، أيّهذا العدمُ الأبديّ ،
ودع كمالك يُقرنُ الآنَ بك ،
يا شغفَ الليل الذي لا ينتهي ".
وجسدُهُ الطويلُ الأناة ، الذي كان طيلة الوقت
يحسُّ رغائب الحجر البسيطة ،
و أمّلَ أن يُكافا على تسلّقه ،
حملَهُ محمل الوعدِ حين قال ،
بأنّه سيُترك وشأنهُ الآنَ أخيراً ،
ووثبَ الى فناء الكليّةِ ، وانهار
راقبَ بكلِّ اعضائهِ المعنيّة
كيف يمشي الأمراء ، ما تقولُه الزوجاتُ و الأمّهات ،
نبَشَ قبوراً قديمةً في قلبه ليعرف .
مالشرائع التي قضى الموتى ليعصوها .
ووصلَ على مضَض لهذهِ النتيجة :
" كل الفلاسفة النظريين كاذبون ؛
حبّ الآخرين يزيدُ في البلبلةِ ؛
نشيدُ الرأفةِ رقصةُ الشيطان " .
واستسلمَ للأقدار ونالَ أقصى النجاح
فسرعانَ ما أصبحَ ملكَ المخلوقات جمعاء :
لكنّ كابوساً في الخريف هزّهُ ، فرأى
مقترباً منه نازلاً باطلال دهليز ،
شخصاً لهُ قسماتُهُ هو المشوّهةِ ،
و بكى وتضخّم ونادى بالويل والثبور .
** ** **
هنا في الليالي المظلمةِ بينما عوالمُ الفوز في سبات .
يتحرّقُ الحبُّ الفقيد في تأمّلات مجرّدة ،
وترتدُ الارادةُ المنفيةُ للسياسة
بشِعرملحميّ يستدرّ دمعَ الخائنين .
لكن يتمنّى كثيرون لو أنّ برجهُم جُبُّ ؛
فالذين يخشونَ الغرقَ قد يموتونَ عَطَشاً ،
والذينَ يرونَ كلّ شيءٍ يُحجبونَ عن النظر :
هُنا السّحرةُ العظام الذين وقعوا في سحرهِم
همُ يتوقونَ الى مناخٍ طبيعي و هم يتحسّرونَ قائلين :
" احذروا السّحرَ " للعابرين .
رأوا أنّ البكارةَ لازمةً لاصطياد وحيد قرن في كلّ حال ،
لكنّ لم يروا ان نسبةً عاليةً من العذارى
اللاّتي أفلحنَ كُنّ قبيحات الوجوه .
كان مقداماً البطلُ قدرَ ما تصوّروه
لكنّ صباهُ الغريبَ غابَ عنهم جميعاً ،
ساقٌ لهُ مكسورة أرشدته كملاك ،
كيفَ يحتاطُ لتحاشي العَثَرات .
وهكذا انطلقوا وحدَهُم بجسارة.
فيما لم يُكرهوا عليهِ اكراهاً :
وتوقّفوا في منتصف الطريق ليقيموا ويستقروا مع أُسْد الصحاري ؛
أو تحوّلوا جانباً بشجاعةٍ سخيفة ،
ولاقوا الغول وانقلبوا حجارة .
حَملَقَ في ريبةٍ في الموظّف المُبتسم،
يدوّنُ اسمهُ بين اسماء من رُفضت طلباتهم
بأن يُقاسوا الألم .
وانقطعَ القلمُ عن الصّرير :
لقدْ جاء بعدَ فواتِ الأوان للالتحاق بالشهداء .
لكِنْ مازال بين المُغرّرين محلٌّ للسان سليط
لامتحانِ عزم الشباب
بحكايات عن مفاشل الكبارالطفيفة ،
وتخجيل المُتلهّفين بمديح ساخِر .
مع انّ المرايا قد تكونُ لحينٍ بغيضة
فانّ النّساء والكتبَ ينبغي ان تُعلّم كهولته
براعةَ المقارعة في اسلوبٍ غير مُتكلّف
لدرءِ الصّمت وحبس جِنّاته المُتسارعة
في قفص من ابتسامةٍ دنيوية .
المُفرطُ في المنطق هامٌّ بالسّاحرةِ
فحوّلتها حجّتها حجراً ،
وسرعانَ ما امتصَّ اللصوصُ المفرطَ في الغنى ،
والمُفرطُ في الشعبيّةِ جُنَّ وحيداً ،
وجعلتِ القُبلات المُفرطَ في الفحولةِ وحشاً .
سُرعانَ ما بُطلت فعاليتهم كأشخاص ،
ولكنْ ، بنسبةِ ما بدا أنّهم يفشلون ،
ازدادت قيمته كوسائل
لدى الذينَ بوسعِهم بعدُ أن ينصاعوا لرغباتِهم .
يتحسّسُ العُميُ طريقَهم بالحجارةِ القائمةِ ،
وهوجُ الكلاب تُكره الجبناءَ على القِتال ،
و يساعد المتسوّلون المتأنّين على الترحال بمتاع خفيف ،
وحتّى المجانين يتمكّنون في هذرهم لأنفسهم
من التعبير عن حقائقَ مُزعجة .
** ** **
هَبْ أنّه كانَ أصغى لقول اللجنة اللوذعية ؛
لما وجدَ إلاّ المكانَ الذي عليهِ ألاّ يُفتّش فيه ؛
هَبْ أنّ كلبَه حين صفّر كان أطاعه ،
لما نبشَ المدينة المدفونة ،
هَبْ انّه كانَ قد طردَ الخادمةَ المتهاملة ،
لما رفرفَ النّصُ اللغزي من الكتاب .
صرخ : "انا لمْ أكُن نفسي " وهو يخطو صحيحَ الجسم مشدوهاً ،
فوقَ جُجمةِ سالفٍ من سالفيه ؛
" انّما الابياتُ لا معنى لها دارت تُدندنُ في رأسي
وتركت أبا الهول الفكريّ في ذهول ؛
ظفرتُ بالملكة لأنّ شعري كانَ أحمرا ؛
إنّ المُغامرةَ الرهيبةَ مملةٌ بعضَ الشيء " .
مِن هُنا عذابُ الفَشَل :
" أكانَ محكوماً عليّ على كلِّ حال ،
أم أنّني لم أكُن لأفشل لو انّي آمن بنعمةِ الله! ."
** ** **
في داخل هذه البوّابات كلُّ انفتاحٍ يُستَهلّ :
يصرخُ البياض ويخفق وسطَ اخضره و احمره
حيثُ يتظاهرُ الأطفالُ أنّهُم في غمرةِ خطايا جديّةٍ سبع .
ويعتقدُ الكلابُ ان ظروفهم الغريبة ميّتة .
هُنا تُكسّرُ المراهقةُ اعداداً
الدائرةَ الكاملة التي يستطيعُ الزمانُ رسمَها على الحجر ،
ويغفرُ الجسدُ الانفصامُ وهوَ يجعل
لحظةَ الرضا لدى جسد آخر لحظته هوَ .
الرّحلاتُ كلّها تنقضي هُنا ؛ الامنيةُ والعبءُ يُرفعان ؛
وحيثُ كثيراً ماخلعت مجدَها الورودُ
كعباءةٍ حول الوحشةِ من عانسٍ ما ،
بدا العظماءُ الضامرون ، والشهيرونَ بالحديث
وقد احمرّوا خجلاً تحتَ تحديق المساء وهُم يتكلّمون
واحسّوا أنّ محورَ اراداتهم قد تنقّل .
* مُقتطفات - " زمنٌ آخر " و. هـ. أودن 1940م - ترجمة توفيق صايغ 1963م
خاص بالمسيرة الإلكتروني