هوالحبُّ فاسْلَمْ بالحَشا ما الهوى سَهْلُ
فما اختــــارَهُ مُضنىً بهِ ولـهُ عَقْلُ
وعِــشْ خَـاليـاً فالحُــبُّ راحتــُهُ عَنـَاً
ولكــن لـــديّ المـوتُ فيـه صبــــابـةً
حيــاةٌ لمنْ أهوى عليّ بهــا الفضلُ
نصحــتـُــكَ علماً بالهوى والذي أرى
مُخالـَفـَتي فاخــترْ لنفســـك ما يَحلو
فإن شئتَ أن تحيـا سعيــدا فمـُـتْ به
شهيــــدا وإلا فالغــــرامُ لـه أَهـــلُ
فمــنْ لم يمـت في حبِّـه لـم يَعِـشْ به
ودون اجتناء النَحلِ ما جَنـَتِ النَّحلُ
وقــــل لقتيـلِ الحــبّ وَفـّيْــتَ حقـــَّـه
وللمُدعــي هيهــاتَ ما الكَحَلُ الكُحْلُ
تَعــرّضَ قـومٌ للغــرام وأعـــرضـوا
بجــانبِهــم عــن صحتي فيه فاعتلـّوا
رضـُـوا بالأماني وابْتُلوا بحظوظِهِمْ
وخاضُوا بحارَ الحبّ دَعوىً فما ابْتُلوا
فهم في السُّرى لم يَبرحوا من مَكانِهم
ومــا ظعـنوا في السيرِ عنه وقد كَلّوا
وعن مذهبي لما استحبوا العمى على الـ
ـهدى حســدا مــن عند أنفسهم ضلوا
أحبـّـــةَ قلبـــي والمحبـّــةُ شـــــــافـعـي
لديـكم إذا شئتـمْ بهـا اتّصــل الحَبْــلُ
عســـى عطفــــةٌ منـــكم علـيّ بنظــرةٍ
فقـــد تَعبـــتْ بيني وبينـَـكمُ الرُسْــلُ
أحبـــايَ أنتـــمْ أحْسَـــنَ الدهــرُ أم أسا
فكونـــوا كمــا شئتــمْ أنا ذلك الخِلُّ
إذا كان حَظــي الهَجْرَ مِنكمْ ولــم يَكنْ
بِعادٌ فذاك الهجرُ عندي هو الوَصلُ
وما الصــدّ إلا الوُدُّ مـــا لم يَكـنْ قِلَىً
وأصعبُ شيءٍ غيرَ أعراضِكمْ سَهلُ
وتعذيبـــكمْ عَـــذْبٌ لــــدي وجــوركمْ
علــيّ بمــا يَقضي الهـوى لكمُ عَدْلُ
وصـبـريَ صــبرٌ عَنكـــــمُ وعليـكــمُ
أرى أبـــداً عنــدي مرارتـَــه تَحلو
أخذتمْ فؤادي وهـو بعضي فمــا الذي
يَضــــرّكمُ لـو كان عنــــدكمُ الكلُ
نأيتــــم فغـيرَ الدمـــــع لم أرَ وافيــــاً
سوى زفرةٍ من حَرّ نارِ الجوى تغلو
فسُهـــــدي حــيّ في جفــوني مخلّــدٌ
ونَومـــي بهـا مَيتٌ ودمعي له غُسْلُ
هوى طَلّ ما بين الطلــولِ دمي فمِن
جفوني جَرى بالسَّفْحِ من سَفْحِهِ وَبْلُ
تـَبَـــالــَهَ قوْمــي إذ رأوْنـــي مـُتيـّمــا
وقالـــوا بمـن هذا الفتى مسّه الخبلُ
ومــاذا عســـى عني يُقـالُ سوى غدا
بِنـُعْــمٍ لَهُ شُغـْـلٌ نَعَـمْ لي بها شُغـْـلُ
إذا أنـْعَمـــتْ نـُعـْــمٌ علــيّ بِنـَظـــرةٍ
فلا أَسعدتْ سُعدى ولا أَجْملتْ جُمْلٌ
وقــدْ علمـــوا أني قَتيــلُ لِحــــاظـِها
فــإن لهــا فــي كل جــارحةٍ نَصْـلُ
حـــديثي قديمٌ فـــي هـــواها ومـا له
كمـــا عَلِمـَـتْ بَعـْــدٌ وليـسَ لها قَبْلُ
ومــا لي مِثـْـلٌ في غـَرامي بهـا كما
غـَـدَتْ فِتـْنـَةً في حُسْـنها ما لها مِثْلُ
ولــي هِمـّــةٌ تَعلــو إذا ما ذكـرْتـُهــا
وروحٌ بذكـراها إذا رَخُصــتْ تـَغلو
جَرى حُبّها مَجرى دمي في مَفاصلي
فأصبح لي عــن كل شُغْلٍ بها شُغلُ
وفي حبــِّها بِعْــتُ السعــادةَ بالشـقـا
ضـلالا وعقلي عـن هدايَ بهِ عَقلُ
وقلــــت لرُشـدي والتنسـُّـكِ والتـُّقى
تَخلُوا ومــا بيني وبين الهوى خَلُّوا
وفرّغت قلبي عن وجوديَ مُخلصا
لعلــيَ في شُغـلي بها معهــا أخلــو
ومن أجلِهـا أسعى لمـن بيننا سعى
وأعــدو ولا أعــدو لمن دأبُهُ العَذْلُ
فأرتـــاحُ للواشـــينَ بَينـي وبينـهــا
لتعلــمَ مــا أَلقــى ومــا عنـدها جَهْلُ
وأصبـُوا إلى العـُـذّالِ حـُبـا لذكرها
كأنهــم مـا بيننا فــي الهــوى رُسْـلُ
فإن حدّثـــوا عنهـــا فكُلي مَسامعٌ
وكـُـلـّيَ إن حَدّثـتـُهــمْ ألســـنٌ تـَتـلـو
تخــالفـــتِ الأقـــوالُ فينـــا تبايُـنـا
بــرَجــمِ ظنــونٍ بيننا مـا لها أصـلُ
فشنـّعَ قــومٌ بالوصـالِ ولــمْ تـَصِلْ
وأرْجَــف بالسلــوانِ قـومٌ ولـم أَسْـلُ
فما صَدَقَ التشنيعُ عنهـــا لِشَقوتي
وقــد كَذَبَــتْ عـني الأراجيفُ والنُقْلُ
وكيفَ أُرجّي وَصْلَ من لو تَصوّرتْ
حِماها المُنى وَهْماً لضاقتْ بها السُبْلُ
وإن وَعَـدَتْ لم يَلحـــقِ الفِعـلُ قَولهــا
وإن أوعـــدتْ بالقــولِ يَسبِقـُهُ الفِعْـلُ
عديني بوَصــلٍ وامْطـُـلي بِنَجـــــازه
فعندي إذا صحّ الهـوى حَسُنَ المَطْـلُ
وحـرمةِ عهــــد بينَنـَا عنــــهُ لـم أَحُلْ
وعـِقـْــدٍ بأيـدٍ بينـَنـا مـــا لــــه حـَـلُّ
لأنْتِ على غَيْظِ النوى ورضى الهوى
لـــدي وقلبــي ســاعةً مِنـكِ ما يَخلو
تـُرى مُقلتي يوماً تــَـرى من أُحبــّهــم
ويَعـتـبـُـني دَهْـري ويَجتمعُ الشـَّـمْـلُ
ومـــا بَرِحــوا مَعنىً أراهمْ معــي فإن
نأوا صورةً فـي الذهنِ قامَ لهم شَكْلُ
فهم نُصْبُ عيني ظاهرا حيثما سَرَوا
وهُــمْ فـي فـؤادي باطنـا أينمــا حَلُّوا
لهــم أبــدا منــي حُنـُـوٌّ وإن جـَـفـَوْا
ولــي أبــــدا مَيْـلٌ إليهـمْ وإن مَلـُّــوا