الغرفةُ استعادت نفسها
بعد انتهاء الزوبعة
الباب مرَّ بيننا
هي التي نأت
أما أنا
فقد عثرتُ فجأةً على الشخص
الذي أُحبُّه
نعم
كأنه كان هنا
قبل مجيء الزوبعة
مستسلما لعنفه السري
رتَّب القتالَ كله
الخوفَ والجنون
والبكاء والغناء والجروح
والجموح والإذعان والوقوع والنجاة
كل ذلك التأرجح البهي
بين مقتلين
كأنه أتى ليُنقذ المحارب القديم
من عطب الحرب التي مضت به
ولم تعد
كأنه يوزع الحكاية التي نمَتْ
وراء ظهرنا
على أبطال مرهقين
هي التي نأت
أما أنا فقد وجدتُ
بابا موصدا
وظلَّ
شخصٌ
يقتفي هواجسي
سألتُهُ: ما يدريك أن الأمر كله ليس
سوى
احتمالٍ باهت
من أين لي أن أدرك الذي لاحت به
نظرتُها الجذلى
وقد بسطتُ يدها
في الضوء شمعة تضيء جرحها
وورْطَتِي..
هل كانت جملي طائشة
وبحتي موزونة على مقام شرس
لماذا انتفضت رموشُها
كبجَع مذعور
ما الذي هز انخطافا ساهما
في ذروة اندهاشها
أَكُلّ هذا الشجر الملتاع ومض برق
خلب
تدنو به الأشياءُ من خرابها
هل أنت من أرى
أم ارتجافُ جسدي
هل أنت ظل الظل
أم ظلي
وقد ثملتُ بانشطاري
وصار كل شيء موغلا في زمنٍ
بلا مدى
أخشى خواء موحشاً
يكاد ينتهي كما ابتدا
حائطا تعبره ملامحي وطيفها
وصوت واهن
كأنه صوت انقطاع وتر على مشارف
المقام
قلت عثرتُ فجأةً على الشخص
الذي أحبه
هيهات،
ما إن نأت ملامحي عبر الجدار
حتى انبرى الشخص الذي رثيته
كان على مقربة من العطر الذي
سرقتُه من جيدها
هاوياً بلا قرار
أوقفني وقال: لا تخف من جسدٍ
تخونه
ولا تغير عمرك القديم
لا تقايض بأيِّ شيء أيَّ شيء
هذا طريقك المنثور في الظلام
لا تنتظر شيئا
وجمع حبه المنثال
عُد به إلى فراش النهر
حيث يمشي الماء يائسا
ككل ما يمشي
اجعله خيطا واهيا
يربط بين اللفظ والمعنى
ضوء جدير بوجدك الأعمى
كان قريبا من جسدي
بعيدا منه
مفعما بشيء لا أدركه
وكانت يدها تلك التي شربتُ نورها
مبسوطة في الفسحة التي تفصلنا
هناك بين شجر ينمو
وغيم داكن يدنو
كأنها تغلق بابا فتحته الزوبعة
وزير الثقافة المغربي2006 م، من ديوان "قصائد نائية"