" ان اللامنتمي انسان لا يستطيعُ الحياة في عالم البرجوازيين المريح المنعزل ، أو قبول ما يراهُ ويلمسهُ في الواقع .. ( انه يرى أكثر وأعمق من اللازم ) وان مايراهُ لا يعدو الفوضى .
ان البرجوازي يرى العالم مكاناً منظماً تنظيماً جوهرياً يوجد فيه عنصر مقلق مرعب غير متعقل الا أن انشغال البرجوازي بدقائق الحياة اليومية يجعله مضطراٍ الى اهمال هذا العنصر . أما الامنتمي فانه يرى العالم معقولا ولا يراهُ منظماً ، وحين يقذف بمعاني الفوضوية في وجه دعة البرجوازي ، فليس لأنه يشعر بالرغبة في في قذف معاني الاحترام باهانة لاثارتها، وانما لأنه يحس بشعور يبعث على الكآبه ، شعور بأن الحقيقة يجب أن تُقال مهما كلف الأمر ، والا فلن يكون الاصلاح ممكنا .. بل وان هذه الحقيقة يجب أن تُقال حتى اذا لم يكن هنالك أمل ما . ان اللامنتمي انسان استيقظ على الفوضى ولم يجد سبباً يدفعه الى الاعتقاد بأن الفوضى غير ايجابية بالنسبة للحياة .. بأنها جرثومة الحياة . ان عبارة ( توهو بوهو) التي تعني ( الفوضى ) في القبالة اليهودية هي بكل بساطة حالة يكمن فيها النظام ، فالبيضه هي فوضى الطائر ، الا أن الحقيقة برغم ذلك يجب ان تُقال .. والفوضى يجب أن تُواجه .. "
مشهد من الفصل الأخير من ( قلعة آكسيل ) .. أوردهُ ولسن في كتابه :
" تقف سارة والكونت الشاب آكسيل في قبو القلعة ، يحتضن أحدهما الآخر ، وكانت سارة قد أطلقت على آكسيل رصاصتين من على بعد خمس ياردات الا انها أخطأته في المرتين ، وتغني سارة أغنية عن العالم الذي يمتلكانه الآن بأيديهما : أسواق بغداد وثلوج التبت وخلجان النرويج ( والأحلام التي قد نحققها ) ، الا أن آكسيل العابس يسألها : ( ولماذا نحققها ؟ ألكي نعيش ؟ .. كلا .. ان وجودنا كامل .. أللمستقبل ؟ صدقيني يا سارة اذا قلتُ لك أننا استنفدنا المستقبل . ماذا ستكون كل الحقائق غدا بمقارنتها بالسراب الذي عشناهُ حتى الآن ؟ ..ان ميزة رجائنا لا تفسح لنا مجالا للبقاء في الأرض أكثر مما بقينا / ومالذي يمكن أن نطلبهُ من هذا الكوكب الشقي الذي تتسكع فيه سوداويتنا وكآبتنا عدا الأفكار الشاحبه التي قد تساورنا عن هذه اللحظة ؟ .. الا ترين أن الأرض نفسها قد صارت وهماً ؟ .. فأقري يا سارة بأننا دمرنا حب الحياة في قلوبنا الغريبة ... أما أن نرضى بالحياة بعد هذا فان ذلك يعتبر خرقاً لحرمة نفسينا . أنعيش ؟ .. ان خدمنا سيفعلون ذلك لنــا .. آه ، العالم الخارجي ؟ .. لا تدعي ذلك العبد العتيد يخدعنا بالأوهام .. ذلك الذي يعدنا بمفاتيح قصرٍ سحري ، في حين تنطبق يدهُ التي يخفيها وراءهُ على حفنةٍ من التراب !) .. "
" اللامنتمي هو الانسان الذي يدرك ماتنهض عليه الحياة الانسانيه من اساس واهٍ ، وهو الذي يشعر بان الاضطراب والفوضويه أكثر عمقاً وتجذراً من النظام الذي يؤمن بهِ قومه .. انه ليس مجنوناً ؟، هو فقط أكثر حساسية من الاشخاص المتفائلين صحيحي العقول .. مشكلته في الاساس هي مشكلة الحرية .. هو يريد أن يكون حراً ويرى أن صحيح العقل ليس حراً، ولا نقصد بالطبع الحرية السياسية ، وانما الحرية بمعناها الروحي العميق .. ان جوهر الدين هو الحرية ولهذا : فغلبا ما نجد اللامنتمي يلجأ الى مثل هذا الحل اذا قـُـيَّـــض لهُ أن يجد حلاً .. ! "
*مُقتطفات من "اللامنتمي" كولن ولسن
خاص بالمسيرة الإلكتروني