ترهبنالأم، الأخت، العشيقة، ثلاث نساءفي واحدة... إن ماتت الأم،تصبح الحياة بكماء، برغم أننا لا نستطيع السكوتإذ إن الكائن المهمل يذهب وحده مع الفراغ،ليس له مكان يرحل إليه.ليلة مع هاملت(مقطع)على درب الطبيعة ذات الكينونةليست الجدران، والحق يُقال، كثيرة الترحيب،هذه الجدران غطتها الموهبة بالبول، ندّية ببصاقثورة المخصيّين ضد الروح، هذه الجدران،جدران اللاشيء، الأخفض من مولدها،وهذه الجدران حيث نرى نضج واستدارة كلّ الفاكهة...مليء ومنساب، صوت شكسبيرهو دعوة لبقة للسماح بكلّ شيء، وعبارتهالتي كالدهشة فعلا، التي عليها أن تكوناحتفاء، تصبح تخفيضا للزمن(أمام براهين غيابه الممكنة)،ضريبة مراب على جميع البيوت،التي أقام فيها المخرج بدون انزعاج.وحده الاحتيال يقين هنا. وبالنسبة إلى المتفرج،وبدون انتظار، زحف باتجاه باب الخروج مثلما زحف ثعبان القديس جرجس،كي يتدفأ بصفراء (١) النقاد...أما اؤلئك الذين يجرؤون على رسم الخرائط، حتى للرغبةها هم مرتاحون جدا، في حين أنهم أيضا ليسواسوى شهادة تغادر ما تبقى من حيوانية...الطبيعة إشارة دائمةوحتى إن بقيت ضمنيانجدها تنكتب بزيف ضد نفسها. حتى الذكر،هذا الفاتح، الأبكم، لا يشعر إلا لأنالروح تذهب إلى الأمام دوما،حين ينغلق كل شيء خلفها...هذا ما كان عليه، بدوره أيضا، هاملت!تنقصه ذراع وحين يحلّ الليلوعبر كُمّ معطفه الفارغكما عضو أعمى، تتجزأ الموسيقىأكثر من اسنانه...لم تجعلنا الطبيعة إلا شيئا واحدا من احتقارنا للمدينةولبول الصخور، هذه الرغوات المقلوبةتحت الارتفاع الذهبي لقدرتها...انتظرت كي تصبح يرقانة النبيذ فراشة،لكن انتظارها بقي سدى.إذ لم يتبق إلا احتقار النبيذ من يوم ماحيث، من الظمأ، فتح شريان حصانليشرب من الدم...هذا هو السبب الذي قاده لتبني الجن (٢)ولطرد الأسرار ذات المظاهر غير المباح بها،لكن، بوقوفه دائما بينه وبين نفسهأعطى صوته للهاوية.لم يعد يتحدث إلا عن ذلك، ألم تكن المسألةفي رواية قصة قديسة مالم يتبق منها أي شيء، إلا ألمذكرى عشيق مشتهى.لكن ألما صغيرا جدا استطاعت أن تخفيهبسهولة، في سنّ منخورة...لا يهمّ كثيرا إن كان اللعاب الذي نسمعه يُصفّرقد سال أم لا من أفواه الجداجد (٣) النائمينبنائي جسور منتصف الليل،المخلوقات التي تخلق، والتي حفرت كل واحدة منها، قبرينأو شبحين، لتجذب راتبا من نبؤاتها.الفن وحده لا يملك عذرا.لكنه يدفعنا بخطر إلى البقاء أحياء،حتى وإن كنّا سنموت في الوقت عينه...لم يكن هنك ملجأ... ولا في أي مكان، حتى في اللاوعيألم يكن هنا، هاملت، كموزار (٤) سكّيرالذي نبش جبال الألب كي يضع قنينة بتوازنعلى سلّم الخوف من الموت، الصارّ .هو، كان مشدودا بدقة إلى نفسه، لدرجة أن الخلود بأكملهتسرّب إليها شيئا فشيئا...أمر واقع إن كان حاضرا،السكين مرفوعةعلى الحمللا يستطيع شيئا، أكثر من قصدير أجران المعمودية المصهور القديموإلا العودة إلى شكلها الأول.يبقى الكرب. كان تحت طلقة الأبديةوعليه أن يُشفي جرحه. كان في قبر والدهلكن كان عليه أن يكون طفل الأبناء... كانيتواجه مع روح الموسيقى المقدسة،إلا أن عليه أن يحيا براتب عاهرة،أو بسعر كلب...لا لأنه عرف كل شيء، بل لأنه كان يشك كثيرابأن الأنانية ما إن تشبعفهي لا تتقيأ، تهضم ما أكلته وتعيد الكرّة...لا لأنه كان عاقلا، أو أن يعرف كيف يكونعمودا خشبيا بين عواميد الحجر...لا لأنه مثل شجرة ترتجف من القرف أمامأعتق الألواح الخشبية المطلية بدم امرأة...لا لأنه كان، البخيل، متذكرا الأشياء الأخيرةليجد مسكنه عند ذاك في قبر »أتريه«حيث من غرفة الكنوز ندخل إلى غرفة الأموات...لا لأنه كان منشغلافي معرفة إن كان عنق الاسكندر الأكبر الملوياستطاع، ومهما كان من أمر، أن ينتصب في التاريخ...لا، لكني ما زلت أرى، أنا، تكشيرتهأمام هؤلاء الذين، إن بقي شيء غامضفذلك لا يعني فراغا، إذ يرمون فيهكل غضبهم المخصيّ...يبدأ البخل مع ذاك الذي يهب... ومع ذلكفقدنا الإيمان، نحن الذين ننتظردائما شيئا ما، وربما ينتظر الرجل أيضاشيئا ما دائما، لسبب وحيد، لأنه فقد الإيمان...يتلقى الضوء، ولا يشع أبدا... فقير الدمولا شيء يمكن أن يحدث، لما نقوله، من دون أن نريقهوها هو هالك، لكن لم يتلق الحرم بعد،فضولي، لكن ليس إلى درجة أن يبحث عن المرآةالتي تنظر عبرها هيلين ـ هيلين إلى نفسها (...)المسرنمشاحب من الشفقة على الزهرة السامّة،يسبح القمر.ها قد حانت اللحظة، يا ربي،حيث سأذهب بحثاعن اسم لا اسم له.الصوت العميق والهادئ، الصوت أعلىمن الوجه واليد كخوذة.ها قد حانت اللحظة، يا ربي،حيث خلف النشيديغني الصوت غير المسموع.تنام غزّالة النسيج الجميلة، والأعجوبة، عاروالثياب على جسدي.يا ربي، ها قد حانت اللحظةحيث الهزة تهز نفسها، وعبر الأصابعلحظة القمر ثلاثية.على الأقل، استمع يا ربي، كم أنا خائفمن شجاعة كلّ شيء!صرخة الطواويس، صرير الباب ها قد حانت لحظةعطش القلب،هذا الخؤون الساذج.الأمنية والقدرتوازن الدم الهادئ، فيمَ يختبئ أحدهمولا يظهر الآخر بعدهل انه من الانشداه المطرود، من نداء الغواية؟دائما يُطيعــنا الأقصى، يأمرنا الفراغ.على أيّ صوت تجيب هذه اليد التي تضع الشمعدان(على سبيل التحية) في وزن الظلمات؟ألن يقرع أحد، كان شبع من خمر الستائر؟عنقود وقناع، أيعنيان كتابا؟حكمة الأوراق التي تنتظر، هل ستتجمد من البياضلأن الأمــوات ينظرون إلى بعضهم في المرآة؟أيها الصمت، أبحث عنك مثل ضربة شفافةتستطيع أن تنتظرني. أيمكن أنها فعلت ذلك؟ربما جئتَ زهرتين باكرا، حين الرغبة تجذبالاكتمال؟ ومع ذلك، يرسمك تنفسي الغامضمثــل الميــاه المعــتمة الـتي ترسمإحساس البجع.أيها القبر، علمني كيف أحيا، وبفضل شمس الصوت،كيف أدلق كلمات منتصف الليل في القمر،لأنه حين يموت نشيد الكائن على هذه الأوتار السبعةلن يتبقى إلا الوتر الفارغ.*** *** ***(١) مادة صفراء يفرزها الكبد(٢) مشروب روحي(٣) جمع جدجد، صرصار الليل(٤) من موزار، الموسيقي العظيمترجمة/ إسكندر حبشوُلد الشاعر التشيكي الكبير فلاديمير هولان في براغ في ١٦ أيلول من العام ١٩٠٥ وتوفي فيها في ٣١ آذار من العام .١٩٨٠ عاش في العزلة والانتفاء الطوعيVladimír Holan (Czech pronunciation: [ˈvlaɟɪmiːr ˈɦolan]) (1905 - 1980)المقاطع الأولى فقط، من مطولته الشهيرة (ليلة مع هاملت)
الصفحات
▼