ذات يوم، حدد "بودلير" الفن - في صيغة مدهشة - بأنه سحر إيمائي يحتوي الشيء والموضوع في آن واحد، العالم الخارجي للفنان والفنان نفسه.(1) ويلاحظ دانييل - رويس أنه يمكن تطبيق هذه الصيغة على القصائد النثرية الصغيرة في "سأم باريس"، (2) مثلما على "أزهار الشر": بل ربما نجد - أيضا - في "سأم باريس" تأكيدا أشد على الشعور بالانصهار بالتطابق بين الشيء والموضوع: كل هذه الأشياء - كما يقول "بودلير" - أمام مشهد يجري، تفكر من خلالي أنا، وأنا أفكر من خلالها(3). هذا التشتت (أو هذا التوسع) للـ"أنا" سوف تساعد عليه أجواء المدينة الكبرى: ففي المشهد المديني، وفي قلب الحشد المتنوع في أشكاله، يحس الشاعر بشخصيته تتضاعف،