12 سبتمبر 2012

نِعمة المحبة (مختارات فكرية) - ليو تولستوي

الأديب الروسي ليو تولستوي
أيها الإخوة الأعزاء، خصوصًا أولئك الذين يناضلون في الوقت الراهن لدينا في روسيا، في سبيل نظامٍ ما للدولة لا يحتاج إليه أحد. يلزمك يا أخي الحبيب، أيًّا كنت: قيصرًا أم وزيرًا أو عاملاً أم فلاحًا، شيء واحد، وهذا الشيء هو أن تعيش برهة الحياة القصيرة، قِصرًا غير محدد، بموجب مشيئة الذي أرسلك إلى هذه الحياة.
إننا لا نعلم، وقد شعرت بهذا بصورة مبهمة دائمًا، وكلما طال عمر الإنسان صار الأمر أوضح له، أما الآن، منذ اليوم، حيث أشعر بوضوح، للمرة الأولى، بأنَّ الحلول الطبيعي للموت، الذي يشبه حلول الغد، بالنسبة للإنسان الحي ليس غير مخيفٍ فحسب بل إنَّ هذا الانتقال طبيعي وخيِّر تمامًا مثل الانتقال إلى الغد. وفي الوقت الراهن، وقد شعرت بهذا، لم أعد خائفًا، والأهم هو أنَّ من الغريب التفكير في الحياة المرعبة الحقودة التي يعيشها معظم البشر الذين ولدوا لأجل المحبة والخير.

7 سبتمبر 2012

العمى (اقتباسات من الرواية) - جوزيه ساراماغو

الروائي البرتغالي جوزيه ساراماغو

مهما تكن سلطة الشخص المسؤول وعلى  نحو لا يمكن انكاره , هشة , مقلقة , وتحتاج للمساءلة في كل لحظة فهي ضرورية جداً في ظرف كهذا ويجب ان تمارس بكل وضوح لصالح الجميع وعلى الاغلبية الاعتراف بها
--------
ان الضمير الاخلاقي الذي يهاجمه الكثير من الحمقى وينكره آخرون كثر أيضاً .. هو موجود وطالما كان موجوداً ولم يكن من اختراع فلاسفة الدهر الرابع حيث لم تكن الروح اكثر من فرضية مشوشة , فمع مرور الزمن والارتقاء الاجتماعي ايضا والتبادل الجيني انتهينا الى تلوين ضميرنا بحمرة الدم وبملوحة الدمع وكأن ذلك لم يكن كافيا فحولنا اعيننا الى مرايا داخلية والنتيجة انها غالبا تظهر من دون ان تعكس ما كنا نحاول انكاره لفظياً

31 أغسطس 2012

الأم (مقتطفات من الرواية) - مكسيم غروكي

مكسيم غوركي

"في كل بوم، في دخان زيت الضاحية العمالية ورائحته كانت صافرة المعمل تزأر وترتعش.
وكالصراصير المروعة، يخرج على عجل، ومن منازل صغيرة رمادية، رجال كئيبو الوجوه، ما يزالون هلكي العضلات، وفي الظهيرة الباردة، ينطلقون في الشوارع غير المبلطة، نحو القفص الحجري الشاهق الذي ينتظرهم بهدوء ولامبالاة، بعيونه المربعة اللزجة التي لا عداد لها ولا حصر."

"تحت أقدامهم يفرقع الوحل، وهتافات مبحوحة، هي هتافات الأصوات النعسى كانت تسعى لاستقبالهم، وسباب بذيء كان يمزق الهواء، ثم تأتي اصوات اخرى الآن، هي ضجيج الآلات الأخرس وبغام البخار."

24 أغسطس 2012

وحشة (قصيدة) - جورج تراكل

الشاعر النمساوي جورج تراكل

 1
لم يعدْ هناكَ ما ينتهكُ صمت الوحشة. عبر قمم الأشجار المظلمة الأكثرُ قدماً تمرّ السحب وينعكس ظلها في المياه الزرقاء الخضراء للبركة التي تبدو بلا قاع، سطحها لا حراك فيه كما لو كان في خشوع حزين، ليلاً ونهاراً.
وسط البركة ترتفعُ القلعة نحو الغيوم بأبراجها المدبّبة وسطوحها الخَرِبة. العشب ينتشر على جدرانها السوداء المشققة وأشعة الشمس ترتدُّ عن نوافذها المستديرة العمياء. في باحاتها المظلمة المخيفة تُحلِّق الحمامات باحثة عن مخبأ لها في شقوق الجدران.
ثمة ما يخيفُ الحمامات، فهي تحلِّق متردِّدةً وعلى عجل مروراً بالشبابيك. تحت، في الباحة يُمكن سماع خرير النافورة هادئاً ورقيقاً. من حوض النافورة البرونزي ترشف الحمامات العطشى بين حين وآخر الماء.

22 أغسطس 2012

الشارع - أوكتافيو باث (قصيدة)

الشاعر المكسيكي أوكتافيو باث
 شارع طويل وهادئ.
أمشي في الظلمة وأتعثّر وأقَع
ثم أنهض، فأدوس بأقدام عمياء
أحجاراً صمَّاءَ وأوراقاً يابسة
يدوسها أيضاً شخصٌ ما خلفي:
إذا أتمهّل، يتمهّل؛
إذا أركض، يركض. أستدير: لا أحد.

الزحام - شارل بودلير (قصيدة)

 شارل بودلير / Charles Baudelaire
لم يتيسَّر لكل إنسان أن يستحم في حشد من الناس: إن التمتع بالزحام فنٌّ؛ ولا يستطيع القيام بعربدة حيوية، على نفقة الجنس البشري، سوى هذا الذي نفخت جنّية فيه، وهو في مهده، طعمَ التنكّر والقناع، كراهية البيت وحب السفر.
حَشدٌ، وَحْدةٌ: مفردتان متعادلتان وقابلتان للتحوّل بالنسبة إلى الشعراء النشطين والغزيرين. هذا الذي لا يعرف كيف يجعل وَحْدته مكتظة، لا يعرف أيضاً أن يكون وحيداً وسط زحامٍ منهمكٍ في أشغاله.

18 أغسطس 2012

صورٌ ثلاث (القصة القصيرة) - فرجينيا وولف

فيرجينيا وولف
الصورةُ الأولى
من المستحيل على المرءِ أن يتجنّبَ رؤية الصور؛ فلو كان أبي حدّادًا، وأبوك كان أحد النبلاء في المملكة، فسنحتاجُ حتمًا إلى أن نكون صورًا لبعضنا البعض. لن يكون بوسعنا أن نهربَ جماعيًّا من إطار الصورة عن طريق قول كلماتٍ مألوفة. أنت تراني منحنيًا أمام باب دكان الحدادة ممسكًا في يدي بحدوة حِصان فتفكرُ وأنت تمرُّ جواري: "يا له من مشهدٍ رائع يستحق التصوير!"،

9 أغسطس 2012

مرثية امرأة لا قيمة لها (قصيدة) - نازك الملائكة

نازك الملائكه
ذهبتْ ولم يَشحَبْ لها خدٌّ ولم ترتجفْ شفاهُ
لم تسْمع الأبوابُ قصةَ موتها تُروَى وتُروَى
لم ترتفعْ أستار نافذةٍ تسيلُ أسىً وشجوا
لتتابعَ التابوت بالتحديقِ حتى لا تراهُ
إلا بقيّةَ هيكلٍ في الدربِ تُرعِشُه الذِّكَرْ
نبأ تعثّر في الدروب فلم يجدْ مأوىً صداهُ
فأوى إلى النسيان في بعضِ الحُفَرْ
يرثي كآبتَه القمرْ.